الأحد، 15 مارس 2009

"الشخصية" طبع تجردت قيمته!

الشخصية" طبع تجردت قيمته! *

كان محبوباً من جميع الطلاب والأساتذة في الجامعة حتى الموظفين والعمال ، فترى في أعينهم لمعة ذلك الحب .. كان أستاذنا هادئ الطبع.. حديثه مليء بالحكمة خالي من الابتذال ومتحدثاً بارعاً ، فهل كان حبنا له لقوة شخصيته؟ أم لطبعه وسلوكه الحسن ؟.
يعرض بعض علماء النفس الذين ينظرون إلى الشخصية من زاوية خارجية أو اجتماعية تعريفات أكثر صقلاً ، غير أن تلك التعريفات تبقى تعاني من بعض المصاعب ، مثل : مجمل أثر الفرد في المجتمع ، وعادات وأفعال تنجح بالتأثير على الآخرين ، والحجم الكبير لردود فعل الآخرين عليه ، (إن السبيل الوحيد للتعرف إلى الشخصية يكون عبر أحكام الآخرين عليها). لكن ماذا لو اختلف تأثيرنا على مختلف الناس؟ (أيكون للواحد عدة شخصيات لا واحدة !!؟).
يمكن اعتبار بعض هذه الأحكام صادقة والأخرى خاطئة . وهذا يعني أن ثمة بنية داخلية فينا تشكل طبيعتنا الحقيقية . فإذا فرضنا أن الشخصية تعنى بأنها "مجموعة من الصفات ذات الآثار الاجتماعية الآسرة " فماذا بشأن المتصوف في صومعته ، حيث ليس له تأثير على الآخرين ؟ أليس لمثل هذا الفرد شخصية ؟ مع علمنا أن لبعض أولئك المتصوفين شخصيات مؤثرة في المجتمع .
فالشخصية كما يصفها بعض العلماء تدل على "المظهر السلوكي المحسوس للصفات الخارجية" . أما الطبع فينتج عنه مقدار التأثير على الآخرين وهو شيء "كالوشم" يتصف بأنه «عميق ، ثابت وأساسي "فطري"». لكن مفهوم الطبع اليوم يتخطى معناه الأول من حيث كونه وشماً فلابد أن نشير إلى "سمو الفرد الخلقي" بدلاً أن نصفه بأنه حسن التأثير في المجتمع.
أن كلمة الطبع تتضمن اليوم حكماً خلقياً .. وهو أمر يثير الرعب في دارسي الشخصية الذين يجتهدون لابقاء دراسة الشخصية بمنأى عن أحكام القيم. ومن ذلك جاء تفضيل كلمة "شخصية" على كلمة "طبع" . وكثير ما تحدث علماء النفس عن بنية الشخصية ولم يذكروا الطبع إلا لماماً. قد يلقي أحدنا بعض الأحكام القيمة على شخصية ككل أو على أحد جوانبها كأن نقول: أنه إنسان في غاية النبل أو له عدة صفات حميدة أو نبيلة ، وفي كلا الحالتين نجد أن للفرد سمة أو سمات يعتبرها البعض إيجابية نبيلة أو قد يراها آخرون نفسها فيعتبرونها سيئة أو حيادية.
ولعلنا بهذا نصل إلى القول: (إن الطبع شخصية ذو قيمة وإن الشخصية طبع جردت قيمته ).
-----------------------------------------------------------------------
* ) بتصرف مختصر من كتاب شخصيتي كيف أعرفها ، للدكتور/ ميخائيل ابراهيم أسعد ، ص23

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق